المحتوى الرئيسى

المفتي: الفضائيات المتاجرة بتأويل الرؤى تأكل أموال الناس بالباطل

12/19 18:51

اوضح سماحه مفتي عام المملكه رئيس هيئة كبار العلماء واداره البحوث العلميه والافتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ انَّ نعمه النوم من النعم التي انعم الله بها علي عباده, فترتاح فيه ابدانهم وتسكن فيه حركاتهم وتطمئن فيه نفوسهم ولا يعلم قدر هذه النعمه الا من سلبها بمرضٍ او ارق او هموم وغموم.

وقال سماحته في خطبه الجمعه التي القاها اليوم في جامع الامام تركي بن عبدالله بالرياض: ان النوم نعمه ذكَّرَ الله فيها العباد وجعله ايه من اياته قال تعالي : ( وَمِنْ ايَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ اِنَّ فِي ذَلِكَ لَايَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُون ), حيث يعلو الانسان في هذا النوم ما يقلق راحته ويقض مضجعه ويجعله في قلق في منامه، ولهذا فان الله جل وعلا يتوفاه به وفاهً صغري قال الله تعالي في كتابه العزيز: ( اللَّهُ يَتَوَفَّي الْاَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَي عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْاُخْرَي اِلَي اَجَلٍ مُّسَمًّي ).

واضاف : انًّ الرؤي والاحلام امر فطري عرفه الناس من القدم وتاتي الانسان في منامه، وهذه الرؤيا وهذه المنامات حق عند اهل السنه والجماعه، والرؤي علي اقسام ثلاثه اما اضغاث احلام او موقف باليقظه يتمثل له في حال نومه او رؤياً صادقه او رؤياً مبشرهً او محذره, حيث بيَّنت الشريعه احكام الرؤي واصل ذلك في كتاب الله كما قصَّ الله عن نبيه يوسف عليه السلام وعن ابراهيم عليه السلام، والرؤيا الصالحه كانت مبدا الوحي لنبينا صلي الله عليه وسلم فكان اول ما بدا انه يري الرؤيا الصادقه التي يراها في منامه فيصبح يراها كبزوغ الصبح واضحه اي انه يراها في اليقظه بالعين كما راها في منامه.

وبين سماحته ان الاسلام بيَّنَ احكام الرؤي فاخبر ان هناك اضغاث احلام اي مراي لا قيمه لها ولا اعتبار لها وانما هي من الشيطان يحزن بها ابن ادم، وهناك مواقف في النهار يعيشها الانسان في حياته فيراها في منامه، وهناك الرؤيا الصادقه التي يراها وهي جزء من 46 جزءاً من النبوه كما بين ذلك النبي صلي الله عليه وسلم.

وقال : ان من المصائب ما يقوم به البعض في بعض المحطات الفضائيه من اتخاذ برنامج عام لتحليل الرؤي فيكثر المتصلون بمثل هؤلاء فيعطونهم من الرؤي التي راوها في منامهم كاضغاث احلام التي لا داعي لها ولا اعتبار لها وانما هي اضغاث احلام، لكن هؤلاء اتخذوا هذا التعبير في هذه القنوات لامورٍ ماديه ياخذونها ويعطون المعبر شيئاً والمحطه شيئاً اخر فيكون ذلك سبباً لترويج هذه المحطات واكتسابها من وراء ذلك.

وبين ان تاويل الاحلام حق لكن لا ينبغي الكذب فيه ولا التدليس وانما يتبع فيه المسلم تعاليم الشريعه الاسلاميه التي جاءت بما فيه الخير والصلاح, ورؤيا الانبياء حق كما بيَّنَ الله عن ابراهيم عليه السلام لما راي في المنام انه يذبح ابنه ( قال يابني اني اري في المنام اني اذبحك فانظر ماذا تري، قال يا ابت افعل ما تؤمر، ستجدني ان شاء الله من الصابرين ).

واضاف : كما بيَّنَ الله عن نبيه يوسف اذ قال تعالي : ( اِذْ قَالَ يُوسُفُ لِاَبِيهِ يَا اَبَتِ اِنِّي رَاَيْتُ اَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَاَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ) .. ثم قال في اخر السوره : ( وَرَفَعَ اَبَوَيْهِ عَلَي الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا اَبَتِ هَذَا تَاْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ).

وافاد ان هناك اضغاث احلام تاتي في المنام فلا تقم له وزناً، ففي الحديث جاء رجل اعرابي الي النبي صلي الله عليه وسلم قائلاً يا رسول الله رايت كان راسي ضرب فتدحرج فجعلت اتتبعه وجهدت اتتبعه، فقال النبي صلي الله عليه وسلم لا تخبر الناس عن تلاعب الشيطان بك في منامك، مشيراً الي ان الرؤيا الصالحه من المبشرات التي يبشر بها المسلم، مستشهدا بقول الله تعالي : ( اَلَا اِنَّ اَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ امَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَي فِي الْحَيَاهِ الدُّنْيَا وَفِي الْاخِرَهِ ), قال العلماء البشري هي الرؤيا الصالحه يراها المؤمن او تري له.

وقال سماحته : اذا اتبعت اداب الشريعه في ذلك هان الامر عليك، فالنبي صلي الله عليه وسلم اخبرنا اننا اذا راي احد منَّا رؤيا تعجبه ان يحمد الله عليها ويشكر الله عليها ولا يخبر بها الا من يحب، واذا راي ما يكره ان يتعوذ بالله من شرها ومن شر الشيطان وان ينفث علي يساره ثلاث مرات وان يصلي ويقرا ايه الكرسي ولا يخبر بها احد فانها لا تضره, اذاً فاذا اخذنا بالسنه وراينا في منامنا ما نكره ان لا نقلق ولا نضطرب بل نتوجه الي الله ولا نخبر بها احدا ونتعوذ بالله من شرها وشر الشيطان ونصلي ونقرا ايه الكرسي كل هذه الوسائل لابعاد الشيطان عنَّا وعن اقلاقه لمنامنا، ولهذا فان النبي صلي الله عليه وسلم قال : ( من قرا ايه الكرسي في كل ليله لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتي يصبح ) .

ولفت سماحته النظر الي انه كان صلي الله عليه وسلم اذا اوي الي فراشه جمع كفيه فنفث فيهما قل هو الله احد وقل اعوذ برب الفلق وقل اعوذ برب الناس ثم يمسح بهن ثلاث مرات في كل مره راسه ووجه وما استطاع من جسده، فاذا سميت الله عند منامك والتزمت هذا الادب النبوي ولم تخبر بهذه المراي احدا فانها لا تضرك بتوفيق الله وفضله ولكن الخطا ان نطرق هذه القنوات ونعطيهم من اضغاث الاحلام التي ليس لها داعي حتي يرهبوننا ويخوفونا ويثيروا فينا رعباً وخوفاً .

واشار الي ان المحطات التي تتاجر في المراي المناميه وتجعل منها سوقاً رائجاً عندها تهزئ من الناس وتاكل اموالهم بالباطل وتدخل عليهم الخوف والذعر، فكل هذا غير جائز، والشرع الحكيم ادبنا في المراي السيئه ان نتعوذ بالله من شرها ومن شر الشيطان وان ننفث عن يسارنا ثلاث مرات وان نصلي وان نقرا الكرسي وان لا نخبر بها احدا فان هذا لا يضرنا ولا يؤثر علينا.

وخاطب سماحه مفتي المملكه المعبرين قائلا : ايها المعبر للاحلام اتق الله فان تعبير الاحلام علم فلا يجوز ان تقول علي الله بغير علم، عبِّر الاحلام اذا كنت قادراً تعبيراً سليماً، اياك والارعاب والتخويف واياك واخافه الناس، عبِّرها للراي علي وجهٍ شرعي مع النصيحه له والتوجيه له ان كان في الرؤيا ما يدل علي مخالفته او ارتكابه بعض المحظورات فحاول ان توضح له ذلك بادبٍ ورفقٍ ولين من غير ازعاجٍ ومن غير اخافه، واياك ان تتخذه وسيله لاقتناص الاموال فانك من هؤلاء الذين اتخذ التعبير وسيله الي الربح في رؤي الناس فيربحون من خلالها الالاف المؤلفه وذلك بانهم يهزاون من الناس لان تعبيرهم للرؤي هو تعبير خطا، فمنهم المخطئ في التعبير ومنهم من لا يعرف ويحمل الرؤي علي غير محملها، فانَّ الرؤي منها ما هو واضح جلي ومنها ما هو خفي يحتاج الي عالم يحل مشكلات هذه الرؤيا ويبيِّن حقيقتها، اما الدخول فيها بجهلٍ وقله علمٍ ومعرفه فان هذا لايجوز ، واعظم من ذلك الكذب في الرؤي فقد جاء في الحديث : “من تحلم حلماً كلف يوم القيامه ان يعقد بين شعيرتين وليس بفاعل، مشيرا الي ان من اعظم الفري ان يري العبد عينيه ما لم تريا “.

Comments

عاجل