المحتوى الرئيسى

حملة على الإنترنت: 160 ألف دولار لبائع الأقلام

09/01 10:40

مرهً اخري اختارت الازمه السوريه وجهاً بشرياً كي ترتديه. لم يكن هذه المره مهاجراً يعانق طفلته بعد الوصول الي شواطئ اوروبا، ولا امراه تخلع ثيابها السوداء بعد الخروج من المنطقه التي تسيطر عليها «داعش». كان وجه عبدالله بائع اقلام الحبر الازرق في شوارع بيروت.

بدات الحكايه عندما نشر احد مؤسسي حساب «اخبار النزاع» علي «تويتر» جيسور سايمونارسن (ايسلندي مقيم في اوسلو)، صوره لبائعٍ مجهولٍ، يحمل ابنته النائمه علي كتفه، ويبيع اقلام حبرٍ ازرق في شوارع بيروت (25/8). تشبه الصوره عشرات البورتريهات الملتقطه لسوريين يكافحون للنجاه كلاجئين في ظل ظروف الحرب الصعبه. لكنَّ الالم العميق علي وجه الاب، او ربما ايماءات جسده، او يده السمراء التي تمد الاقلام للعابرين، او الابنه النائمه مرخيهً ثقلها علي كتفه، او ربما كلّ تلك التفاصيل مجتمعهً، حرّكت حاله من الهوس علي مواقع التواصل الاجتماعي، لحشد المتضامين معه، من خلال وسم «اشترِ الاقلام» ByePens.

بعد انتشار الصوره، بدات جهود مكثَّفه لتحديد هويَّه البائع المجهول علي الارض اللبنانيه، بالتعاون مع الصحافيه ومؤسسه منظمه «لبنانيين من اجل اللاجئين» كارول معلوف. وسرعان ما وصل الاهتمام بقضيه بائع الاقلام الي المذيعه جسي المُرّ التي اضاءت علي الوسم الجديد عبر برنامجها الصباحي علي قناه «سكاي نيوز عربيّه». ولم يمض وقتٌ طويل حتي بشّر سايمونارسن متابعيه علي «تويتر» بانه وجد ضالته. وخلال الساعات اللاحقه بدات اموال التبرعات تتجمع في حساب اللاجئ السوري، الذي تبيّن في ما بعد ان اسمه عبدالله، وانه فلسطيني الاصل، قدم من مخيم اليرموك برفقه ابنه عبدالله (9 سنوات) وابنته ريم (4 سنوات). استطاعت الاقلام الزرقاء في يد اللاجئ المتعب ان تجلب هذه المره غلهً لم يكن يتخيلها، اذ جمعت الحمله عبر صفحه التبرّعات الخاصّه علي موقع «انديغوغو» نحو 160 الف دولار خلال ايّام (سيبقي باب التبرّع مفتوحاً لعشره ايّام اخري). كانت نهايهً «سعيده للجميع»، اذ وجد عبدالله وريم نفسيهما نجمين علي مواقع التواصل الاجتماعي، تتسابق القنوات التلفزيونيّه علي اللقاء بهما.

الاعلام الغربي بدا سعيداً ايضاً بقصه النجاح التي حققها الانترنت، والجهود التي بُذلت للعثور علي عبدالله. رسمت «سي ان ان» مشهداً للاب الذي بكي حينما علم بحجم التضامن الذي لقيته صورته، واعرب عن سعادته بانَّه يستطيع اخيراً ارسال اطفاله الي المدرسه، ومساعده لاجئين اخرين بالمبلغ الذي بات يملكه. بدت الحكايه التي شغلت قنوات اعلاميه كبري في اميركا وروسيا والمانيا وايطاليا، كاحدي الحلقات التي واظبت قناه «ال بي سي اي» علي عرضها عشيّه راس السنه في تسعينيات القرن المنصرم، حين كانت تقلب القناه حياه شخصٍ ما راساً علي عقب، يتحوّل الفقير غنياً، او يلمّ شمل عائلهٍ بعد سنوات من الفراق.

مرّه اخري تُحرِّك قضيّه مشابهه الاسئله حول غوايه الصور الفوتوغرافيّه القادره علي تحقيق ما عجزت عنه عشرات الخطب السياسيّه، والمؤتمرات الصحافيّه، والاحصائيات المُقلقه حول اعداد الشهداء واللاجئين والمعتقلين.

Comments

عاجل