المحتوى الرئيسى

الكتلة الديمقراطية المغربية: تكتل سياسي أصبح في خبر كان

08/03 09:10

"الكتلة الديمقراطية كقطب يقود جيل الإصلاحات الجديدة من أجل بناء دولة المؤسسات (...) وكقطب للتغيير أصبحت الآن متجاوزة".

العبارة أعلاه جزء من تصريح كان قد أدلى به محمد الأمين الصبيحي، عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، ووزير الثقافة في حكومة بنكيران المنتهية ولايتها، في وقت سابق لصحيفة المساء المغربية، وهو تصريح ينضاف إلى مجموعة من التصريحات الصحفية لعدد من المسؤولين السياسيين التي تؤكد جميعها بأن الكتلة الديمقراطية انتهت وأصبحت في خبر كان.

تأسس تكتل "الكتلة الديمقراطية" المغربي سنة 1992 بعد مذكرة قدمها حزبا "الاستقلال" و"الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" سنة 1991 دعيا فيها إلى ضرورة إدخال إصلاحات سياسية في نص الدستور المغربي، وكان من بين مؤسسي الكتلة إلى جانب هذين الحزبين كل من حزب "التقدم والاشتراكية" و"منظمة العمل الديمقراطي الشعبي" و"الاتحاد الوطني للقوات الشعبية" الذي جمد عضويته بعد أشهر قليلة من إعلان التأسيس.

ومن الملفت للنظر في هذه الكتلة أن التنسيق والتشاور كان في كل محطاتها ومعاركها السياسية محصورا بين حزب "الاستقلال" وحزب "الاتحاد الاشتراكي"، فيما ظلت باقي المكونات الحزبية الأخرى مهمشة ومبعدة عن هذا التنسيق والتشاور، وهذا بحسب المهتمين بالشأن الحزبي والسياسي المغربي من الأسباب التي أدت إلى تقهقر وتبخر هذا التكتل السياسي، بحيث ستنعكس هذه الطريقة في تدبير وتسيير الكتلة الديمقراطية على تحالفات مكوناتها الحزبية، التي ستظل تحالفات هجينة، هشة وشكلية لا تخضع سوى للحسابات السياسية الضيقة والمصالح الخاصة بكل حزب، بل إن حتى المبادرات السياسية التي سطرتها داخل هياكلها الحزبية لم تستطع تفعيلها كممارسة سياسية، وهو ما يشير إلى أن هذه الأحزاب لا تمتلك آليات وأدوات إنجاح عملية الانتقال الديمقراطي في المغرب.

غير أن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى الموت السريري للكتلة الديمقراطية، كما يرى دارسون محللون سياسيون، هو انتقال أحزابها وأخص بالذكر حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية من موقع المعارضة إلى موقع الحكومة، حيث الامتيازات والكراسي المريحة والرواتب العالية، وهو الانتقال الذي ستدفع هذه الأحزاب الثلاثة ثمنه غاليا، بحيث ستتلقى خسائر سياسية كبيرة ومكلفة، بسبب عجزها عن التوفيق بين خطابها التاريخي كقوة معارضة تدعو للتغيير، وبين موقعها في السلطة ودورها في نقل خطابها إلى حيز التنفيذ، خاصة في ظل قوانين دستورية لا تسمح للسلطة التنفيذية بالقيام بكامل أدوارها.

لقد كان من الممكن أن تقوم الكتلة الديمقراطية بدورها المشهود في هذه الفترة الحرجة التي يمر منها المغرب خاصة والمنطقة العربية عموما، وتسرع ليس فقط وتيرة الانتقال الديمقراطي ولكن أيضا وتيرة إرساء حق التظاهر والاحتجاج والحريات العامة وعلى رأسها حرية التعبير والصحافة، لقد كان من الممكن كذلك أن يفعل اللقاء الذي سبق أن جمعها بالملك الراحل، الحسن الثاني رحمه الله، فعله في هذه المرحلة لو أن الكتلة ظلت وفية لمبادئها ومبادئ مناضليها وشهدائها الذين يعدون بالمئات وعلى رأسهم الشهيد المناضل، المهدي بنبركة، لكنها تنكرت لكل ذلك وفضلت الأضواء والظهور بمظهر آخر لا يخدم لا من قريب ولا من بعيد القضية الوطنية المتمثلة في ترسيخ وتفعيل دعائم العمل السياسي الديمقراطي بإقرار الحريات، ودعم المجتمع المدني واستقلالية القضاء وغيرها من الملفات التي ما تزال عالقة.

Comments

عاجل