المحتوى الرئيسى

دوامة الحرب التجارية..القيود الأميركية تدفع العالم نحو الكساد الكبير

03/03 18:19

بدت الدول الاقتصادية الكبرى على مشارف دوامة حرب تجارية عالمية، بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية على واردات بلاده من الصلب والألومينيوم، متجاهلا نصائح مستشاريه ونواب في الكونغرس، بأن مثل هذا القرار قد يؤدي إلى صراع مع الشركاء وسباق نحو القاع.

وفرض رسوم على واردات الصلب والألومينيوم، أحدث خطوات ترامب نحو فرض الحماية التجارية التي يتبناها، وهذا دفع العديد من شركاء الولايات المتحدة إلى التوجه نحو الصين وخلق تكتلات جديدة قد تقوض من النفوذ الأميركي خلال السنوات المقبلة.

وأعلن ترامب يوم الخميس الماضي، أنه سيفرض تعريفات جمركية صارمة على واردات الصلب بواقع 25%، وعلى الألومينيوم بواقع 10%، مشيرا إلى أنه سيوقع رسمياً التعديلات التجارية الأسبوع المقبل، ووعد بأن تظل سارية المفعول "لفترة طويلة من الوقت".

وسبق أن تبنت الولايات المتحدة في ثلاثينيات القرن الماضي قوانين تفرض قيودا على تجارة الدول الأخرى، لكن سريعاً ما تسببت هذه الإجراءات في تخفيض الصادرات الأميركية بأكثر من النصف، وتسببت في إحداث الكساد الكبير، ما دعا محللين إلى اعتبار هذه السياسة سببا في تمهيد الطريق لقيام الحرب العالمية الثانية.

ورغم التحذيرات من هذه الخطوة، إلا أن ترامب أبدى ترحيبه في عدة تغريدات يوم الجمعة بالحروب التجارية، التي وصفها بأنها "جيدة ويسهل الانتصار فيها". وقال في إحداها إنه "لا يمانع في إيقاف التبادل التجاري مع بلدٍ تسببت تعاملاتنا معه في عجز تجاري لنا بقيمة 100 مليار دولار".

ولم يقتصر الرفض لقرار ترامب على الدول التي تعد من أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، وإنما شملت أيضا مسؤولين ونوابا أميركيين، أعربوا عن مخاوفهم من تداعيات هذه السياسة على بلادهم.

وقال مايك كويجلي، عضو مجلس النواب من الحزب الديمقراطي عن ولاية إلينوي: "هو سباق إلى القاع. سمه ما شئت، الحرب التجارية دوامة، وفي نهاية المطاف هي ضارة للجميع، بمن فيهم الولايات المتحدة وصناعاتها المعدنية".

ووصف المجلس التحريري لجريدة وول ستريت جورنال يوم الجمعة، قرار ترامب، بأنه أكبر غلطة ارتكبها منذ انتخابه رئيساً للولايات المتحدة.

وقال آرت هوجان، كبير مستشاري الأسواق في "بي ريلي أف بي آر" المالية :" هذه أول شرارة للحرب التجارية، ولا أحد ينتصر في الحروب التجارية".

وكانت منظمة "المائدة المستديرة للأعمال"، والمكونة من كبار المسؤولين التنفيذيين في الشركات الرائدة في الولايات المتحدة، قد حذرت ترامب من قيام الدول الأخرى بالرد باتباع مبدأ المعاملة بالمثل، مما قد يضر بالاقتصاد الأميركي بصورة كبيرة.

وهوت أسواق الأسهم فور إعلان ترامب عن قراره يوم الخميس الماضي، حيث فقد مؤشر "داو جونز" الصناعي حوالي 420 نقطة، أو 2% من قيمته، كما فقد كل من "ناسداك" الذي تغلب عليه أسهم التكنولوجيا و"ستاندر آند بورز 500" حوالي 1.5% من قيمتهما في نفس اليوم، ثم انخفضت مرة أخرى يوم الجمعة بعد ترحيب ترامب بالحروب التجارية.

وفقد داو جونز حوالي 250 نقطة فور إطلاق تغريدة الترحيب، قبل أن يعوض جزءاً كبيراً من خسائره قبل نهاية التعاملات، ليغلق على مستوى 24538.06 نقطة، بانخفاض حوالي 70 نقطة عن إقفال اليوم السابق.

أما مؤشر ستاندر آند بورز 500، فقد استطاع تعويض خسائر التغريدة، وأغلق على ارتفاع أكثر من 0.5%، وكذلك مؤشر ناسداك الذي أغلق بدوره مرتفعاً بأكثر من 1% عن إغلاق يوم الخميس.

وتعاني أميركا حالياً عجزاً سنوياً في الميزان التجاري يقدر بحوالي 600 مليار دولار، منها حوالي 350 مليار مع الصين وحدها.

ويعتبر ترامب هذا العجز نقطة ضعف هامة في الاقتصاد الأميركي، يتعين التغلب عليها، ويرى أن استمراره يضر باقتصاد البلاد لأنه يمول بالديون. كما أرجع ترامب هذا العجز إلى ممارسات سيئة من الصين، وشركاء تجاريين آخرين، وهو يعتقد أن واردات الصلب والألومينيوم هي أحد أهم مسببات ذلك العجز.

وتشكل الواردات حوالي ثلث كمية الصلب التي تستخدمها الشركات الأميركية في الإنتاج كل عام، والمقدرة بحوالي 100 مليون طن، وأكثر من 90% من الألومينيوم المستخدم، المقدر بـ 5.5 مليون طن.

لكن ليس من الواضح حتى الآن حجم الانخفاض المتوقع في الواردات بعد تطبيق التعريفة، كما أنه من غير الواضح ما إذا كانت مصانع الصلب الأميركية ومصاهر الألومينيوم يمكن أن تزيد إنتاجها بما يكفي لتعويض ذلك الانخفاض.

وتعد كندا وكوريا الجنوبية والمكسيك والبرازيل والصين أكبر الدول المصدرة للصلب للولايات المتحدة. لكن الصين ستكون الأقل تأثراً بالقرار، لأن صادراتها من الصلب للولايات المتحدة مقيدة بالفعل بضوابط الاستيراد الأميركية وقيودها.

أما الألومينيوم، فإن أكبر خمس دول مصدرة له للولايات المتحدة هي كندا وروسيا والإمارات والصين والبحرين.

وقال لي زينتشوانج، نائب رئيس اتحاد الحديد والصلب الصيني "هذا إجراء حمائي غبي، سيجعل الولايات المتحدة أضعف، لا أقوى".

وفي عام 1930، قدم السيناتوران ويليس هاولي، وريد سموت تشريعاً إلى الكونغرس، تمت الموافقة عليه بعد أن قيل عنه إنه يهدف إلى توفير الإيرادات للحكومة الأميركية، وينظم التجارة مع البلدان الأجنبية، بما يشجع الصناعات في الولايات المتحدة، ويساعد على حماية العمالة الأميركية، ويحقق أغراضا أخرى.

Comments

عاجل